فصل: البحث التاسع فضول الدماغ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تشريح القانون (نسخة منقحة)



.البحث الثامن تشريح البطن الأوسط من بطون الدماغ:

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه:
والجزء من الدماغ المشتمل.
إلى قوله: بسبب حركة شيء آخر أشبه بإجابة الشيء الواحد.
الشرح:
إن هذا الأوسط أو له عند آخر البطن المقدم وهو في وسط عرض الدماغ فلذلك يكون أو له عند ملتقى بطن البطن المقدم أعني الأيمن والبطن الأيسر فيكون طرف كل واحد من هذين البطنين في أول فضاء هذا البطن الأيسر فلذلك يشاهد منه الصور المحسوسة المنطبعة في الأرواح التي في البطنين المقدمين وآخر هذا البطن الأوسط هو عند أول بطن المؤخر فلذلك تتمكن القوة الموضوعة في البطن المؤخر إذا كان هذا البطن مفتوحًا من مشاهدة جميع الصور المنطبعة في الأرواح التي في البطنين المقدمين وآخر هذا البطن الأوسط وعند أول البطن المؤخر وحينئذٍ يحكم على كل صورة من تلك الصور بما يليق بها من المعاني ولذلك تحكم هذه القوة من الشاة على صورة الذئب المنطبعة في البطن المقدم على أن ذلك عدو مفسد لها وعلى صورة متعهدها بالعلف أنه صديق لها فلا تنفر عنه نفورها من الذئب.
وهذا البطن لا يمكن أن يكون مفتوحًا دائمًا وإلا كانت الروح التي في مؤخر الدماغ ينتقل بعضها إلى مقدمه والتي في مقدمه فينتقل إلى إلى مؤخره فيشوش الأرواح ويفسد الذهن.
وتختلط تلك الصور المحسوسة بعضها ببعض على غير النظام الطبيعي فيحدث من ذلك كما يحدث للمبرسمين ولا يمكن أيضًا أن يكون هذا البطن دائمًا مسدودًا وإلا لم يمكن الحكم على معاني تلك الصور المحسوسة لأنها حينئذٍ لا يمكن القوة التي في مؤخر الدماغ مشاهدة شيء منها فلذلك لا بد من أن يكون هذا البطن في حال ما مفتوحًا وفي حال أخرى مسدودًا.
ولا يمكن أن يكون ذلك بالطبع فإن الطبع لا يقتضي شيئًا ولا يقتضي ما يقابله فلا بد من أن يكون هذا الانسداد والانفتاح بالإرادة ولكن بالإرادة الطبيعية وهي التي بالقوة الحيوانية وهي التي لا يلزم في أفعالها أن نكون مدركين لها ولا مدركين للإرادة التي بها تكون أفعالها ثم هذا الانفتاح والانسداد لا يمكن أن يكونا بانضمام جرم الدماغ انضمامًا يلزمه انسداد هذا البطن وبانفراج يلزمه انفتاح هذا البطن فإن جرم الدماغ لأجل إفراط لينه ليس يحتمل ذلك فلا بد أن يكون هذا الانسداد بجرم يكون في داخل هذا البطن ويكون ذلك الجرم على بعض أحواله ينفتح في هذا البطن وعلى بعضها ينسد ولا يمكن أن يكون هذا الجرم من خارج هذا البطن وإلا كان سده يضغط جرم الدماغ إلى أن تتلاقى أجزاؤه وفتحة بتخلية الموضع من الدماغ عن ذلك الضغط فلا بد من أن يكون هذا الجرم من الفاعل ليسد هذا البطن وفتحه في داخل هذا البطن ولا يمكن أن يكون ذلك في موضع من هذا البطن دون باقيه لأن هذا الجرم لا بد من أن يكون شبهًا بجوهر الدماغ حتى لا تؤلمه ملاقاته وكذلك لا بد من أن يكون هذا الجرم شديد اللين فلو كان موضوعًا في موضع من داخل هذا البطن لأمكن أن ينفعل عن الرياح والأبخرة الحادثتين في داخل الدماغ ليبطل بذلك فتحه أو سده ولكانت حركة الروح أيضًا قد تقوى على تغييره عن الحالة المنفتحة والسادة فلذلك لا بد من أن يكون هذا الجرم ممتدًا في طول هذا البطن ولا يمكن أن يزيد على ذلك وإلا كان يحدث ضيقًا في البطن الذي تقع فيه تلك الزيادة ولا يمكن أيضًا أن يكون جسمًا واحدًا فإن الجسم الواحد إنما يحدث له سدة تارة وانفتاحًا أخرى إذا كان يتجمع تارة فينفتح هذا البطن وينبسط أخرى فينسد وهذا غير ممكن ها هنا فإن الأجسام الشديدة اللين لا يمكن أن يكون التفاوت بين تجمعها وانبساطها كثيرًا جدًّا.
فلو كان هذا الجرم واحدًا لكان ما ينفتح عند تجمعه يسيرًا جدًّا لا يفي بالغرض فلا يلزم أن يكون هذا الجرم من أجسام كثيرة ويكون واحد منها تحدث له حالة يحدث فيها تقارب الباقي إلى الملاقاة والسد وحالة أخرى يلزمها تباعد الباقي وانفتاح المجرى.
وهذا الجرم الذي تختلف أحواله التي يلزمها ذلك لا بد من أن يكون حدوث تلك الأحوال له بسهولة حتى يمكن أن يحدث كل واحد من انفتاح هذا البطن وانسداده بسرعة وسهولة وهذا يمكن أن يكون هذا الجرم دودي الشكل مؤلفًا من أجزائها أن تجتمع وتتباعد بسهولة وذلك بأن يكون مؤلفًا من أجزاء كالزوائد مربوطًا بعضها ببعض ويكون لتلك الأجزاء أن تتباعد تارة وتتقارب أخرى فإذا تقاربت قصر ذلك الجرم جدًّا وإذا تباعدت طال ويكون إلى جانبي هذا الجرم وإلى أسفل جسمان آخران يسهل تقاربهما وتباعدهما ويكونان ممتدين في طول هذا البطن كالجرم الأول وإلى جانبيه وأسفل منه ويكون هو مربوطًا إليهما من جانبيه ربطة يذهب إليها على الاستقامة فما دامت تلك الربط كذلك كانات متباعدين أي إن أحدهما يكون بعيدًا عن الآخر فيكون ما بينهما مفتوحًا وذلك هو ما تحت الجرم الأول وإما إذا امتد في ذلك الجرم الأول في الطول حتى لزم ذلك خروج مبادئ تلك الأربطة عن محاذاة اتصالها بالجسمين الآخرين وذلك بأن صارت تلك الأربطة في اتصالها بالجسمين الآخرين مؤربة لزم ذلك انجذاب ذينك الجسمين إلى التقارب فسدا ما بينهما فكان ذلك البطن حينئذٍ مسدودًا فإذا عاد الجرم الأول الدودي إلى التجمع وتقاربت أجزاؤه لزم ذلك عود تلك الأربطة في اتصالها بالجسمين الآخرين إلى الاستقامة فيمكن ذلك الجسمين من التباعد الذي هو لهما بالطبع فعادا إلى وضعهما متباعدًا أحدهما عن الآخر ولزم ذلك انفتاح ما بينهما وبذلك ينفتح هذا البطن.
ولقائل أن يقول: إن هذا لا يصح وذلك لأن هذين الجسمين إذا تقاربا مما عن جانبيهما من الدماغ إما أن توافقهما في التقارب فيكون انسداد هذا البطن بتقارب أجزائه.
وقد قلتم: إن ذلك لا يمكن أو لًا توافقهما في ذلك فيبقى بين جانبي هذا البطن وذينك الجسمين فرجة بقدر تحركهما إلى التقارب فبقي هذا البطن مفتوحًا هناك فيلزم ذلك أن يكون هذا البطن دائمًا مفتوحًا لكن تارة يكون هذا المفتوح منه ما بين ذينك الجسمين وذلك إذا كانا متباعدين وتارة ما بين جوانبه وجوانب ذينك الجسمين وذلك إذا كانا متقاربين وحينئذٍ يكون انسداد هذا البطن محالًا قلنا ليس الأمر كذلك وذلك لأن هذين الجسمين ملتصقان بالغشاء المشيمي المغشي لداخل هذا البطن فإذا تقاربا لزم ذلك انجذاب ذلك الغشاء إليهما فانسد ما بينهما وبين جانبي الدماغ بذلك الغشاء لا بجرم الدماغ.
قوله: بأربطة تسمى وترات هذه في الحقيقة ليست بأربطة ولا وترات أما أنها ليست بأربطة فلأنها غير متصلة بعظم.
وأنها ليست بوترات فلأنها ليست مؤلفة من عصب ورباط ولكنها تسمى أربطة بالاصطلاح العام لأنها تربط شيئًا بشيء وتسمى وترات لأنها تشبه الأوتار في أنها تجذب الأعضاء المتصلة بها فتحركها تحريكًا إراديًا فإن انفتاح هذا البطن وانسداده قد بينا أنه لا يمكن أن تكون إلا بالإرادة.
وقوله: تمدد وضاق عرضها ضغطت هاتين الزائدتين إلى الاجتماع فيسند المجرى.
وإذا تقلصت إلى القصر وازدادت عرضًا تباعدت إلى الافتراق فانفتح المجرى فإن زيادة عرض ذلك الجرم يلزمها تضيق هذا البطن فلا يكون الانفتاح تامًا وكذلك ضيق عرض ذلك الجرم يلزمه أن لا يكون انسداد هذا البطن تامًا وكذلك لا لأمر يضطر إليه وكذلك يمكن أن تتباعد أجزاؤه عند التمدد من غير نقصان في الثخن وذلك لأن مقادير تلك الأجزاء لا تتغير في حالتي التمدد والتقلص لكنها تتقارب عند التقلص وتتباعد عند التمدد وحركة الجسم الدودي حركة إرادية كما ذكرناه لما ذكرناه أو لًا.
وأما حركة الجسمين الآخرين إلى الالتقاء فذلك بما تجذب الأوتار المتصلة بهما وبالجرم الدودي عند تمدده وأما حركتها إلى الانفراج فذلك بمقتضى طبيعتهما ليعودا إلى وضعيهما الطبيعي لهما وبجذب الغشاء المغشي لهما ليعود إلى ملاقاة جرم الدماغ وأما حكمة هذه الأجرام وكونها على الهيئة المخصوصة فذلك مما نذكره في كتابنا الكبير الذي نعمله في هذه الصناعة.
والله ولي التوفيق.

.البحث التاسع فضول الدماغ:

من قوله: ولدفع فضول الدماغ.
إلى آخر الفصل.
الشرح:
يحيط بالدماغ عظام القحف وهي صلبة لا تسمح بنفوذ الفضول من خلالها إلا ما يمكن أن يمر في سنون القحف وهذه لا تكفي لتحلل فضول الدماغ الكثيرة ولذلك يعسر تحلل ما يتحلل منها بخلاف الأعضاء التي تحيط بها مثل اللحم ونحوه.
فإن فضولها تجد سبيلًا إلى النفوذ في ذلك المحيط فتكون تلك الأعضاء نقية من الفضول ولا كذلك الدماغ ومع كثرة فضول الدماغ فإن الحاجة إلى كثرة بقائه تشتد وذلك لأن ما يحتبس فيه من فضول مع أنه يحدث له سوء المزاج والسدد في مجاريه ونحوها فإنه يكدر أرواحه ويغلظها ويفسد أمزجتها فلذلك اضطر إلى أن يكون له طرق ينتقي منها فضوله.
وهذه الطرق منها ما منفعتها تنقية الدماغ من الفضول فقط فتكون مخلوقة لذلك فقط.
وهذه كالمجاري المذكورة في الكتاب.
ومنها ما هي مخلوقة مع ذلك لمنفعة أخرى إما للإحساس بشيء كالعين وإنها تنتفع بها في إدراك المبصرات وينتفع بها أيضًا في تحلل بعض فضول الدماغ بها بالدموع ونحوها وكذلك الأذن ينتفع بها في إدراك المسموعات وفي تنقية الدماغ من المادة الحادة الصفراوية التي تندفع إليها فيكون منها وسخ الأذن وكذلك الأنف ينتفع به في إدراك الرائحة وفي إخراج الفضول المخاطية التي تتولد في الدماغ.
وأما تكون تلك المنفعة ليست هي الإحساس لشيء كالسنون التي في عظام القحف فإن هذه ينتفع بها المنافع التي ذكرناها عند تشريحنا لعظام القحف وينتفع بها مع ذلك في تحلل الفضول البخارية التي في الدماغ منها وكذلك النخاع فإنه خلق لما ذكرناه في تشريح عظام الصلب من منافعه ومع ذلك فإنه ينتفع به في تحلل بعض فضول الدماغ منه وكذلك فإن الذي يعتريه الجرب يكون جربه في اسافل ظهره عند عجزه وطرف عصعصه.
لأن الذي يقربه الجرب لا بد من أن تكون مواده حارة بورقية فيكون ما يتبخر منها كذلك فلذلك يكثر هذا التبخر منها في دماغه ويكثر ما يندفع من ذلك في النخاع إلى طرفه وذلك عند آخر العصعص ولذلك فإن كثيرًا مما تكثر فيه السوداء يعرض له عند طرف عصعصه غلظ.
وعبارة الكتاب في باقي الفصل ظاهرة. والله ولي التوفيق.